بقلم 🖋️ البتول جمال التركي
جاء في الحديث الشريف أنه يوم القيامة ينادي منادي بين الخلائق : ليقم أهل الفضل ، فيتساءل الناس فيما بينهم مستغربين فيرد عليهم المنادي بالتخصيص والتعريف بهم : أهل الفضل الذين كانت تُقضى على أيديهم حوائج الناس ….
هذا المسمّى ” أهل الفضل ” شهادة عليا من الله لبعض خلقه ممن قام بتطبيق شروط هذه الصفة الراقية العالية في يوم القيامة العصيب الشاق والناس عطشى وذاهلون من هول الموقف ، إلا هؤلاء : أهل الفضل ، فإنهم في حمى الرحمن وعليهم نفحة الرضوان فتعالوا نتعرف على صفاتهم من القرآن الكريم ، قال الله تعالى في سورة الإنسان يصف أهل الفضل : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا * إنمّا نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا * إنّا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا * فوقاهم الله شرَّ ذلك اليوم ولقَّاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريرا * متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا * ) إلى قوله تعالى بنهاية وصف أحوالهم والنعيم الذي يلبثون في فقال : ( إنَّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً ) .
آيات تصف أهل الفضل وصفاً دقيقاً فأولها من قوله : ( ويطعمون الطعام على حبه ..) وليس المقصود حبُّ الطعام بل المقصود حبُّ الله إذا من أول أوصاف أهل الفضل أنهم يحبون الله تعالى ومن حبهم لله تعالى يمدون أيديهم بالطعام للمساكين والنية هي حب الله تعالى وليس من أجل مكاسب دنيوية وهي كثيرة فهناك من يُطعم من أجل أن يقال عنه كريم ومنهم من يريد السمعة بأنه من أهل الخير ومنهم يريد المشيخة في أهل حيّه الذي يسكن فيه ، ومنهم من يطعم الفقراء لكي يدعون له ، فهو يريد ثمن الطعام بشكل أو بآخر ، فكل هؤلاء مردود عليهم طعامهم ولا يقبل الله تعالى إلا من كانت نيته حبِّ الله خالصة له : ( إنما نطعمكم لوجه الله * لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ) .
وكذلك أيضاً شرح الله تعالى وجه العطاء وسبب من أسبابه هو علم هؤلاء ” أهل الفضل ” بأنَّ يوم القيامة يوم عسير عبوس فهم يريدون الوقاية في ذلك اليوم فجاءهم الرد بالتطمين من الحق : (فوقاهم الله شرَّ ذلك اليوم ولقَّاهم نضرة وسرورا ) ولمّا صدقوا النية مع الله صدقهم الله بوعده فكما خشوا من يوم الغضب جاءت صدقاتهم وقاية لهم من اليوم العبوس القمطريرا ، ثم جزاهم خير الجزاء فكما كانوا يتلقون الفقراء والمساكين بالبشر والترحيب فالله وعدهم بالنضرة والسرور بالبداية وقَّاهم ثمَّ لقَّاهم أي استقبلهم بالبشر والترحيب ، إنها آيات عظيمة من ربٍّ عظيم رحيم ، ونحن الآن في هذه الأيام نجد صعوبة في التوجه للطواف في البيت العتيق فلعلنا نجد الثواب العظيم بالطواف على بيوت الفقراء والمساكين نبتغي حبَّ ووجه الله تعالى .
اللهم اجعلنا من أهل الفضل بمنّكَ وكرمك يا أرحم الراحمين .