مقالات

وطني خط أخضر

Posted on

خالد آل محمد الاسمري

عضو جمعية السلام انترناشيونال -باحث في مركز أبحاث الطب والجزيئيات- هولندا

نحتفي هذه الأيام بالذكرى المجيدة التسعون لليوم الوطني وتزامنا مع هذا الحدث العظيم، فإنني أبارك لوطني العظيم هذه النهضة التي تشهدها بلادنا العظيمة عقدا تلوى عقد، كما أبارك لهذا الكيان العظيم أن أختار الله له ولاة أمر بارون به كما هم بارون بابناءه ، كما أبارك لولاة الامر ان الله حباهم وميزهم بقيادة وطن عظيم ، وكيف لا يكون عظيم وهو يحتضن الحرمين وهومنبع الرسالة ،ومهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين ،وهو أرض الملاحم والبطولات، كما أبارك لأبنائه البرره الذين شاركو في بناء هذا الكيان العظيم فمنهم من قضى نحبه فلا حرمهم الله الأجر وأنزل الله على قبورهم شآبيب الرحمة والمغفرة والرضوان ملكاً كان او غيره ، ومنهم من لا زال يعمر ويشارك في البناء ويساهم في الإنتاج فبوركت جهودهم وأسعدالله حياتهم
وسأتحدث اليوم عن نقاط محدده ومحطات فقط في خط الزمن الذي عاشه هذا الوطن العظيم الى الان وسيبقى باذن الله شامخاً عزيزاً يرفل في ثوب العز والسؤدد:
اولاً: إنه إختيار الله نعم الإختيار ،إشتكت الجزيرة مما ألم بها فعلم الله ان هذه البلاد- قبل مجي الامام عبدالعزيز ال سعود – تعاني الظلم والجور، يسودها الجهل والخوف والجوع ، يحج المسلم الى مكة خائفا من كل شي ؛يخاف الإنسان ، يخاف الطريق ، يخاف الوحوش الضارية؛وحينما أراد الله تصحيح المسار قيّض الله لها رجلاً يرتجف من ربه إرتجاف السعفة اذا أخرجت من الرشا ،رجلًا قريبًا من ربه ،ذو طاعة وإيمان وتقى إنه عبدالعزيز الذي كان إمامًا قبل ان يكون ملكاً كان أكبر همه ان يوقظ الفجر لأجل الصلاة ،ويأمر الآذان ليصدح بصوته في أرجاء المكان فتسمعه فيافي نجد , وأن يحافظ على ورده من المصحف كل يوم ،كان اكبر همه أن لا يسمع أن هناك حجاج سرقهم (الحنشل ) ، كان حلمه ان تنعم الجزيرة العربيه بالامن والامان ، كان أكبر همه ان يجد الصغير والشاب والمرأة والشايب مايسد رمقهم من الجوع والعطش . إختار الله هذا الرجل لأنه كان مع الله في سره وعلانيته ، ولم يخيب الله رجاءات الإمام عبدالعزيز ، فبعد الضيق تأتي السعه وبعد الظلام الحالك سيبزغ فجر جديد:
لا تشتكي ياواحد بات مهموم​ ترى الفرج عند إقتراب الحزامِ
وإن كان عينك خالفت لذة النوم انت تنام …وخالقك ماينام
فبعد أن أخرج الله للملك عبدالعزيز كنوز الارض من باطنها وبعد ان تم تسيير أول شحنة بترول عام ١٩٣٨هـ وبدأت الاحوال تتحسن ، شعر الملك عبدالعزيز ورجاله الأوفياء وأهل الجزيرة ككل أنهم مع موعد مع فجر جديد وأحلام وردية قادمة ,دخل في تلك الايام رجل على الملك عبدالعزيز وحدث الحوار التالي :
الرجل : ياعبدالعزيز يوم بسطت لك الارض إبتعدت عن ربك ، الحين ورا ثوبك يسحب في الارض
عبدالعزيز: التفت عند الصبي وقال : ياولد جيب المقص
احضر الصبي المقص
عبدالعزيز : التفت للصبي وقال :ناول الشيخ ،ثم قال : ابد ، قص اللي تبي منه ياشيخ ، هذا ثوب توه جاني من الشام وهو طويل ما قصرناه عقب ماجانا.
رجلٌ وُلِدنا جميعاً يوم مولدهِ فناب ميلاده ُعن كل ميلادِ
لهذا تأثر به المستشرق الامريكي فيلبي تأثراً بالغاً لعدة أسباب منها إلتزامه التام بدينه الحنيف ، وفيلبي هذا جاء جاسوساً على العرب فأصبح جاسوسًا للعرب وأبدى حبه وأعجابه الشديدين بالملك عبدالعزيز فأمرت بريطانيا بإهدار دمه (أي فيلبي ) ، و كان اول أمريكي يخطب في الحرم المكي ويثني على الملك عبدالعزيز ويسرد خصاله الحميدة وان ال سعود هم أفضل من يقود هذه البلاد لبر الأمان ، وكانت هذه الخصال في أبناءه من بعده رحمهم الله رحمة الأبرار فقد شاهدنا الملك عبدالله يلتفت للعلماء ويقول ترى فيكم كسل أهم شيء دينكم ، دينكم ، دينكم .
ثانيا : مالم تدركه اليوم ستدركه غداً بإذن الله فقط إعمل، ومنها نستخرج خصلة الصمود والإرادة والإلتزام والعزيمة والإصرار ، وهذه كانت لدى الإمام عبدالعزيز ، فحينما كان في الكويت جلس ذات يوم يخط في الرمل بعصاته، يتذكر رائحة نسيم نجد ويستعرض ملامح وادي حنيفه، مستبعداً كل ما يمكن أن يحيل بينه وبين نجد ، بينه وبين خيوط الوبر ، بينه وبين رائحة طين المصمك، وهذا مثال لا للحصر ، وبرنامج تحضير البعثات في عهده خير مثال لبعد البصر وحسن البصيرة .وهذا هو سعود الخير يسأل الشاب ( عبدالله الدفاع) فيقول :ما عملك ؟ فأجاب الدفاع : راعي غنم قال الملك سعود بنرسلك أمريكا ونريدك كما رعيت الغنم أن ترعى العقول فأبتعث الى الولايات المتحدة وأنهي الدراسة بمراحلها حتى الدكتوراه التي كانت في الرياضيات حتى سمي بملك التفاضل والتكامل . إنها النفوس التواقة والهمم العالية التي أكرمهم الله بها تتوق الى العلا وتتطلع للمجد، وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام.
ثالثا: التضحية ، فكل نفيس غالٍ، وهذه البلاد منذ الدوله السعودية الاولى مرورًا بالثانية والثالثة :قامت على جثث صُرعت ودماء أريقت، وجماجم حُطمت ، فمنهم من أعدم في الإسكندرية ومنهم من أعدم في إسطنبول ، جعلهم الله في الفردوس الاعلى مع الانبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا
رابعا: أن السعودية والسعوديون رغم ما مروا به من حروب طاحنة ، فإنهم لم يتخلوا عن أشقاءهم العرب في محن عديده من حروب ومجاعات وفيضانات ، لا يزال ربنا عز وجل يكرمنا سنة تلو أخرى لأنه لا عزة لنا الا بالتمسك بديننا وما وصانا به رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بحسن الجوار وبمعاونة المسلمين.
خامسا: أكرم الله قادتنا بميزات منها انهم خادمي الحرمين الشريفين وأنهم نذرو أنفسهم لخدمة الإسلام ونشره وخدمة حجاج بيت الله الحرام ، وأنهم اجتهدوا في إعمار المساجد في أصقاع الارض، وأنهم أسسو مطابع لكتابه الكريم وزعت منه ملايين النسخ بعشرات اللغات وكل هذه الجهود ، نحسبها من التقرب لله ، فربح من كانت هذه أعماله وسعد من كانت هذه مناقبه.
وأخيرا, لابد ان يُعلم الجيل هذا التاريخ العظيم ، وكيف عانى المؤسسون لهذه الدولة العظيمة منذ بداية الدولة السعودية الاولى حتى هذا العهد الزاهر ، وأنهم عانوا المصاعب وقاسو الويلات وجربو الآلام ،أنهم ضحو بأنفسهم وأموالهم وأوقاتهم من أجل الاجيال التي تليهم وأنهم أصطلو بنار الحروب لتكون برداً وسلامًا على من يأتي بعدهم ، لابد أن تدرس التربية الوطنية للأجيال ليستشعروا أن هناك عوائل فقدو أبناءهم وأطفال يتموا ونساء رملوا ، لابد أن يعرف الاجيال القادمة أنها كانت رحلة طويلة ومشاق مجربه وطريق وعرة لتصل الى إلينا كما هي الان وأن الأولون لم يتمتعوا بهذه النعم كما نحن، دمت ياوطني بخير تسير في خط زمنك الأخضر في عز وكرامة حتى يوم القيامة.

Most Popular

Copyright © 2019 Alama360. All Right Reserved.