مقالات
[مكر التاريخ ليس له حدود]*
بقلم الدكتور _يعن الله الغامدي
قراءة التاريخ إما أن تعتمد على قراءة الكتب الصفراء لمعرفة أخبار الأمم والملوك السابقة كثقافة وإما قراءة تعتمد على الاعتبار بتلك الأحداث والاستفادة منها وما كل من حرص على متابعة القنوات الفضائية أو لديه حسن التعامل مع الشبكة العنكبوتية مهيأ لفقه تلك الأحداث بالكامل فالدول دائما تعتمد على المصالح والاقتصاد غالبا يدفع ثمن السياسة !
ومنطقة الخليج العربي كما نرى اليوم تشهد صراعا أيدلوجيا له أبعاده السياسية بين بعض دول الخليج والنظام الإيراني الذي جرّ تلك المنطقة المهمة إلى الطريق المنحدرة والمستغلة من بعض القوى الأجنبية .
وكلمة خادم الحرمين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورته السادسة أشار إلى ما يتعلق بأن إيران دولة جارة نتطلع في محادثاتنا معها بالوصول إلى نتائج ملموسة مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية..
وخادم الحرمين رجل حكيم استخلص الدروس والعبر من تمردها التاريخي وهو يعلم بأنها غير قادرة على بناء الثقة لكثرة مراوغاتها الحوارية ومراهناتها العسكرية كما تفعل باليمن مع الحوثيين باستفزازها للمملكة بصواريخها البالستية وطائراتها المسيرة بالإضافة إلى تدخل أذرعها في كثير من الدول العربية مما جعلها تعاني من تحديات سياسية واقتصادية بالداخل والخارج وهي شبه عاجزة عن الحرب إلا بالوكالة بدليل فشلها في حربها مع العراق لما يقارب من عقد من الزمان وهاهي اليوم تعاني من خلافات أيدلوجية متشددة مع جارتها أفغانستان التي فشلت معها حتى إمريكا نفسها فضلا مع ما يضاف إلى حدودها الخلافية مع باكستان بطول ٢٥٠٠ كم ولا يحيط المكر السيئ إلا بأهله .
وإذا كان الوادي لا يتكون إلا من قطرات فالخلافات العرقية والدينية داخل إيران تشكل عوامل تقويض خاصة وأن معظم مناطق شرق الخليج العربي كانت على شكل إمارات عربية تتبع للبصرة حتى عهد الشاه وهي مناطق قابلة للانشقاق أشهرها تاريخيا إمارة عربستان (الأهوار) وعاصمتها المحمرة التي فتحها أبو موسى الأشعري يقول خاتمي :(إيران تحيا بخوزستان ) بسبب غناها بالموارد الطبيعية بما فيها النفط وهي باسمها الجديد الآن تتعرض لأسوأ أنواع التطهير والتهجير العرقي حتى اليوم .
والحقيقة فإن سياسة النظام الإيراني لها عواقبها الوخيمة والعاجلة إن لم تكن نتيجة لعمق التحديات الاقتصادية المتضاربة فبسبب السياسات العقيمة المتعارضة ومكر التاريخ ليس له حدود وسياسة النفَس الطويل والصبر الجميل التي يتبعها قادة هذه البلاد الطيبة منذ عقود برهنت على نجاعتها وولي عهدنا الشاب محمد بن سلمان اكتسب المزيد من الخبرة والكثير من القوة أمام محاولات الهيمنة الإيرانية مقدرا ترتيب الأولويات ومراعيا لكل ما يراه معطلا لرؤيته وهو الحريص على عدم قطع شعرة معاوية وإلا فلا يمكن لأي أحد في بلادنا يسعى للحرب أو يبادر إليها قدر الإمكان لما يترتب على الحروب من آثار مدمرة على المنظور القريب ومؤثرة على المدى البعيد ولذا فلا نستغرب من قيادتنا الحليمة كعادتها أن تتبع سياسة الحلول الغير تقليدية لعلها تكون أقل كلفة وأشد أثرا ٠