اخبار رياضية

لوحة والدي:

Posted on

عندما توفى أبي حزنت وتألمت، ولكن أيقنت أن الله ينزل مع المصيبة مسكنات، ألم ودواء
ينزل رحمة يخفف بها علينا ما أصابنا، إنما
تبلون بقدر إيمانكم، والله إذا أحب عبدًا ابتلاه، ولكن مع كل غصة ألم، وكل نبضة حزن، تذكرت بأن هناك من يدعو لي بظهر الغيب، وهناك عيون بريئة تنتظرنا، يوجد بحياتنا
شموع مضيئة إذا أصابنا الألم والحزن نجد بريقها، فهم كيابل صغيرة لا تضئ إلا بنا،
هؤلاء هم أخوتي الذين جعلهم والدي أمانة في أعناقنا من بعده .

أبي كل عام يمضي على وفاتك، كنت أظن بأن العام الذي يليه سوف يخفف ألم وجراح فقدك، ولكن كل مازاد بعدك ازداد حزني واشتعل الشوق في قلبي، لم استطع أن ألملم جراحي، ذكراك تلوح في ذاكرتي، في كل مكان جلست ونمت وتحدثت ومشيت فيه …

دعيني يا جراحي ، دعيني ألملم نفسي حتى يبرأ ألمي، وأخاطب روحي حتى يجف دمعي…
لاتجوري عليّ ولا تطغي؛ فوالله ليس في الفقد
حيلة ، ليتني استطيع أن أترجم مايقوله عقلي، وأرسل كل مايأمرني به لقلبي؛ فأمره بأن يطيع ويرضخ لما يقول، ولكن عجزت أن أتحكم فيه؛ فالشوق نقش فيه كما ينقش على الحجر .

أدعوك ياربي أن تغفر لأبي، فلقد كان أبًا عظيمًا كريمًا، يا إلهي أبي غاب عنا، ولكن لم يغب ذكره من ألسنة محبيه، فجميع من يعرفه يشهد له بعطفه وتقديره للضعيف قبل القوي.
لأبي في قلبي مكانة وحب لا يستطيع
قلمي أن يفِ وصفها، ولكن أريد أن أسلي قلبي وأواسي روحي بالتعبير عن بعض صفاته، فمنذ صغري وأنا شديدة الاعجاب به، عندما يأتي زوار لمنزلنا أشاهد حبهم وتقديرهم لشخصية والدي، فلقد كان سديد الرأي، وهبه الله الحكمة وفصل الخطاب، كانت مشورته راجحة وقراره صائب، وكنت ملازمة له في مجالسه، استمع لما يدور بينه وبين من يجالسهم، من أقارب وجيران وأصدقاء، فأرى أبي يتصدر المجلس بحديثه الموزون وكلماته القليلة الرمانة، التي تستهدف القلب قبل العقل، يأتي إليه المتخاصمون؛ فيصلح بودٍ وتراضٍ بينهم، فتزول الشحناء وتصفو النفوس، ويأتي إليه الضعيف؛ فيقضي حاجته دون أن يجرح خاطره بنظرة، ويكرم الضيف ويسعى بأن يكون منزله عامر بالزوار في كل ليلة …
نعم ، إنه والدي الأب الحنون العطوف الكريم، هو الجبل الشامخ الذي نستظل في ظله حيًا وميتًا.
ارحمه يا إلهي ارحمه يا من وسعت رحمتك كل شيء، واجعل قبره روضة من رياض الجنة .
بقلم/ هياء هديب الشهراني

انقر للتعليق

Most Popular

Copyright © 2019 Alama360. All Right Reserved.