مكة المكرمة ـ إبراهيم البلوشي
في أمسية رياضية ثقافية اجتماعية تربوية جمعت بين التاريخ والأدب والفن والرياضة والجغرافية والآثار، عاش حضور “ديوانية مجلس الذكريات والرياضة في الاحياء أيام زمان ” التي تعقد بمنزل الكابتن سلطان عبد ربه – رئيس رابطة أندية الأحياء بمكة المكرمة مع اخصائي الآثار والمتاحف والباحث في التاريخ المكي الكاتب والناقد الصحفي الاستاذ
عادل بن عبد الله قاضي ليلة ماتعة أبحر فيها مع الحضور في عالم المستديرة وتاريخ الرياضة في المملكة العربية السعودية منذ العصر الحجري والرسوم الصخرية المنقوشة على واجهات الجبال ،
والمتمثلة في فنون الرقص والصيد والقتال، مشيرا إلى أن مكة المكرمة قد عرفت الرياضة منذ سبعة آلاف عام تقربيا، وقال أن أبناء مكة قد مارسوا الرياضة أيضا في عصور ما قبل الإسلام وفي العصر الجاهلي الذي كانت فيه الفروسية تعتبر أبرز سماته كما تعتبر هي الرياضة المفضلة لدى الرجل العربي ، وتطرق للرياضة في صدر الاسلام مشير إلى أن الدين الإسلامي قد حث على الرياضة وان الرسول صلى الله عليه وسلم قد مارس انواعا منها، كا ركوب الخيل والمصارعة وسباق الجري، عندما تسابق عليه افضل الصلاة والسلام مع السيدة عائشة- رضي الله عنها – وقال من الادلة على ممارسة الرياضة في صدر الإسلام والحث على تعليمها، ما جاء في القول الماثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- ( علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل) ثم تطرق الاستاذ عادل بن عبدالله القاضي في حديثه عن الرياضة في المملكة العربية السعودية متناول ما أولاه الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه- من عناية للرياضة وخاصة الفروسية التي كان محبا لها ويشجع على ممارستها وقد شهد رحمه الله العديد من سباقاتها في مدينة الطائف و في غيرها .. وأشار إلى ان اول سباق للفروسية في مكة المكرمة اقيم في ميدان العدل عام، ١٣٤٦ بحضور نائب الملك في الحجاز الاميرفيصل بن عبدالعزيز، موضحا ان الملك عبدالعزيز كان حضر مبارة لكرة القدم في عام ١٣٦٦ عندما شرف رحمه الله مبارة في مدينة الظهران بأرامكو بين فريقي ” الاتحاد والتوفيق ” من الظهران، حيث قدم جلالته الكأس، وهي أول مبارة على كأس ملك سعودي مما يؤكد على اهتمام ودعم وتشجيع الملك عبد العزيز – رحمه الله- لكرة القدم وعدم ممانعته لها
وقال ان مكة المكرمة تعبر اول مدينة في المملكة عرفت كرة القدم حسب مورخي الحركة الرياضة الذين ربطوا بدايات الكرة بالجالية ألاندونسية التي تقدمت لمدير الأمن العام بطلب السماح لهم لمزاولة الكرة عام 1346، إلا ان هذه المعلومة غير دقيقه كما يقول المحاضر وتحتاج إلى شي من المراجعة والتمحيص مستندا في رأيه ذلك “حسب قوله ” على المصادر التاريخية وكتب الرحلات التي سجلت عادات المكيين و التي تؤكد على ان اهل مكة المكرمة قد مارسو لعب الكرة قبل ذلك التاريخ من خلال مشاهداتم لأبناء مكة وهم يمارسون لعب الكرة في ضواحيها وبرحاتها خاصة في منطقتي الزاهر والشهداء بناء على ما ذكره المؤرخ محمد لبيب البتنوني في كتابه ” الرحلة الحجازية” التي قام بها في 1327
وكما جاء في مذكرات اللواء ابراهيم رفعت باشا في رحلاته الحجازية “مراءة الحرمين” و في غيره من الكتب التي تناولت عادات المكيين ورصدت العابهم وتراثهم .. لذا يمكننا القول ان الخطاب الذي تقدم به الاندوسيين لمديرية الأمن العام يمكن أن يعتبر خطاب طلب بعودة السماح لهم بمزاولة الكرة في مكة بعد إيقافها أو توقفها بسبب الحرب العالمية الأولى او لظروف أخرى ولكنه بالتأكيد ليس خطاب لبداية ممارسة كرة القدم في مكة التي كان أبناءها يمارسون الكرة قبل ذلك التاريخ كما اوضحنا سابقا، ليبقى البحث عن إجابة السؤال قائما.. متى كانت بداية لعب الكرة في مكة؟؟ بالتاكيد سيكون البحث هنا قبل عام ١٣٢٦ الذي وثقه البتنوني بمشاهداته تلك
مشددا على ان هذا ما يحتاج إلى مزيد من البحث في التاريخ المكي من قبل الكتاب والمؤرخين والمهتمين بالحركة الرياضية
خاصة وان التاريخ يثبت توقف الكرة في مكة كان قد حصل لأكثر من مرة، ولاسباب مختلفة منها ما كان بسبب الحرب العالمية وانشغال الناس بالبحث عن لقمة العيش اوبسبب الشجار بين بعض اللاعبين واحيانا لاشتباكات الجمهور وحدوث الفوضى التي وصل بعضها إلى حالات الوفاة ، وقال ان بعض الأحداث التي توقفت الكرة بسببها قد تم بقرار من الجهات الرسمية ومنها ما وصل لمدة سبع سنوات من عام ١٣٥٨ وحتى ١٣٦٥ وتوقف اخر في عام ١٣٥٥ بسبب خلاف بين فريق الاهلي وفريق الوطن وكلاهما من مكة وخلاف بين الاتحاد والهلال البحري من جدة
وقال يبدو انه بعد ان اطمئنان الناس في مكة المكرمة بالدولة الجديدة بالملك عبد العزيز رحمه الله الذي أشاع العدل بين الناس و بعد تعين الامير فيصل بن عبد العزيز نائبا للملك في الحجاز اقيم في أول أيام عيد الفطر المبارك من عام ١٣٤٥ اول سابق للخيل برعاية سموه خصصت له خمس جوائز للفائزين، وفي يوم 7/13 من عام 1346 نظم سباق اخر للهجن، للتبدا الحركة الرياضية في مكة المكرمة تاخذ مكانها وهو مما شجع على عودة ممارسة الأنشطة الرياضية والتى منها كرة القدم أيضا، بدء من فرق الجاليات كا فرق “الجاو” وحتى فرق المواطنين ليظهر اول فريق وطني في مكة باسم النادي الأهلي بعد أن كانت الفرق باسماء الملايو والمنتو والفلمبان وغيرها. لتنتعش لعبة كرة القدم في مكة بعد ذلك مع اهتمام سمو الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله الذي لبى دعوة حضور مناورة في ملعب بالمسفلة لفريق الحزب الذي تغير اسمه فيما بعد ليصبح فريق الوحدة.. حيث أعجب سموه بمهارات اللاعبين
وقال ان لسمو الامير
عبدالله الفيصل يعود الفضل في السماح بعودة الألعاب الرياضية في عام ١٣٧٢ عندما كان سموه وزيرا للداخلية حيث أصدر سموه تنظمات الرياضة بصورة رسمية تحت مسمى الإدارة العامة للرياضة البدنية والكشافة، جلب لها مستشارين من مصر كما انتدب بعض الشباب لمصر للتدريب هناك ..
لتبداء الرياضة بمغهوما الحديث تشق طريقها في المملكة العربية السعودية حتى وصلت لما وصلت اليه من مشاركات وإنجازات قارية ودولية وعالمية تعتبر مفخرة للوطن ولأبناء الوطن في المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا
وعن نادي الوحدة أكد القاضي ان نادي الوحدة يعد من اعرق وأقدم الأندية الرياضة فى المملكة و قال ” كنت ولا ازال اتمنى لو ان الوحداويون تركو العمادة للعميد، وتغنو بالريادة التي هي فخر لكل وحداوي، حيث اول بطولة لكأس الملك في المملكة العربية السعودية عام ١٣٧٧ قد سجلت باسم الوحدة وهنا فخر للوحدة والوحداويين .. حيث الريادة هنا مصحوبة بإنجاز تاريخي ملموس، لايمكن التشكيك فيه ابدا ، كما لا يمكن لاحد مزاحمَتهم فيه.. لأنهم هنا رواد لهذه البطولة التاريخية وبالتالي هم رواد للكرة السعودية،والريادة هنا حق لهم التغني بها و بمثل هذا الإنجاز مدى الدهر.. وليستلهم لاعبو الوحدة ومحبوها من ابناء الجيل الجديد من هذا المجد وهجا للعودة للمجد الوحداوي السابق الذي لامس بطولة أول دوري على كأس الملك في التاريخ السعودي
كما تناول الكاتب الصحفي عادل قاضي في حديثه عن ذكريات زمان، الأندية التي لعب لها في الأحياء، مثل نادي نيل الحفاير ونادي العرين ونادي السلام مشيرا الي انه لم يمكث في الملاعب طويلا،حيث تحول العمل الصحفي منذ نعومة أظفاره، ولكنه يتذكر تماما تلك المبارة التي لعب فيها مع فريق السلام بقيادة المدرب ابو البشر في “مزدلفه” ضد فريق ماستيك الذي يعد في ذلك الوقت “احد أقوى فرق أحياء مكة” وقد تحقق لفريق للسلام الفوز والظفر بالبطولة وبكأس البطولة أمام ذهول نجوم ماستيك، ثم تحدث عن مشواره مع الصحافة الرياضية التي قال انه بدأها مع تغطيات رياضة الاحياء في الدورات الرمضانية بدء من دوري نادي البحر بالزاهر عام ١٤٠٣ _١٤٠٤ عبرجريدة المدينة بمكتب مكة..ودوري نادي السهم و تغطيات دوري قوة الحج والمواسم لعدة سنوات عند ما كان النقيب بندر الحارثي مشرفا على الشؤن الرياضية، ثم مع النقيب فارس القرشي عندما كان ملازما مشيرا الي انه قد كرم من اللواء فيصل الحارثي ومن اللواء على بن أحمد الذيب ومن العقيد على هاشم عقيل و من العميد حسن باتوبارة، و من نادي البحر ونادي العرين ونادي الخليج ونادي السلام ونادي الجوهرة السواء وغيرها من اندية الاحياء
مستعرضا صور لبغض تلك التكريمات وبعض الشهادات التي حصل عليها والتي مضى على بعضها قرابة الأربعين سنة، ثم تحدث عن علاقته بلاعبي الأندية الرسمية كلاعبي نادي الوحدة ونادي الاتحاد و الاهلي الذين زامل بعضهم علي مقاعد الدراسة في الجامعة وهو ما سهل عليه أجراء حوارات صحفية مطولة مع بعضهم نشرت في المدينة وفي ملحق الملاعب الرياضية كحواره مع نجم المنتخب ونادي الاتحاد جمال فرحان ومع اللاعب حمود القرني رحمه الله ومع نجمي النادي الأهلي حسام وباسم ابو دود، إضافة إلى حوارات مع كل من حسن خليفة وعبدالله غراب وعبدالله فوال والاستاذ عبد الله جاكرتا والدكتور مدني رحيمي وغيرهم ، اضافة الى حوارات مع معظم لاعبي نادي الوحدة مثل الكابتن عصمت بابكر وذيبان الجيزاني
وعبدالستار ادماوي وغيرهم ولاعبي الألعاب المختلفة مثل بطل العالم للجمباز هيثم برمنده وبطل العاب القوة ونجم سباق التتابع/ ياسر قاضي وبطل الكارتيه الاستاذ عبد الله محمد وبطل العرب في الدرجات عدنان تكروني، ومعظم لاعبي السلة بنادي الوحدة مثل فيصل ملاوي واحمد سقطي والدكتور علي بكر وإداري الفريق خالد سليمان، وغيرهم الكثير من اللاعبين ،وذلك قبل أن ينتقل إلى العاصمة الرياض بسبب الوظيفة حيث عين على وظيفة ” أمين متحف” بمتحف الاثار والتراث الشعبي التابع لوزارة المعارف بالشميسي وليواصل ممارسة هوياته مع الصحافة عبر مكتب جريدة المدينة بالر ياض منذ العام، ١٤١١ حتى الآن، مستعرضا تجربة ثرية مع الصحافة المحلية وصفحات الفن والاقتصاد والسياسة و الصفحات الدينية، ثم تجربة مع المجلات المتخصصة مثل مجلة “رسالة المعارف ، و”مجلة مسرح الشباب” التي ترأس تحريرها لأربع دورات، ومجلة البر التي عمل مديرا لتحريرها منذ١٤٢٤ ومجلة “المتنافسون” التي كان فيها مديرا للتحرير
اضافة الي الكثير من المجلات التي تعاون معها، حيث استعرض عبر البوربوينت اهم المحطات والمقالات التي كتبها والتحقيقات الصحفية واللقاءت التي أجرها خاصة مع أصحاب السمو و المعالي الوزراء وأصحاب الفضيلة من المشائخ الافاضل كحواره مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وحوار مع سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز ال الشيخ وغيرهم
إضافة إلى حواراته مع بعض مسؤولي ونجوم الهلال والنصر و منها حوار مع سمو الأمير
عبدالرحمن بن سعود – رحمه الله- ومشاركته في بطولات الخليج في الرياض واليمن وكاس العالم للشباب و حوارات مع بعض الأدباء والشعراء والمثقفين ومنهم كاتب النشيد الوطني الشاعر الكبير ابراهيم خفاجي رحمه الله، اضافة الى حوارات مع الكثير من الأدباء الذين شاركو في المهرجان الوطني للجنادرية والمؤتمرات واللقاءات الثقافية و المسرحية، بعد ذلك بدأ الحوار المفتوح للضيف مع الحضور والذي امتد لأكثر ساعتين..اجاب خلالها الاستاذ عادل القاضي على أسئلة الحضور حيث امتدت الامسية الى ساعات الصباح الاولى .. وفي ختام الأمسية قدم الاستاذ سلطان عبد ربه درعا تذكايا للأستاذ عادل بن عبد الله قاضي ودرعا مماثل للأستاذ شرف العلي الذي جاء من المنطقة الشرقية للمشاركة في مجلس الذكريات والرياضة ايام زمان، وقد أبدى العلي إعجابه بفكرة المجلس وما يتناول فيه من طرح لموضوعات ثقافية وتاريخية ورياضية وانشطة اجتماعية تحسب لرابطة احياء مكة المكرمة .. كما قدم الاستاذ عادل القاضي شكره وتقديره لأعضاء مجلس الذكريات ولرئيس رابطة الأحياء بمكة المكرمة الاستاذ سلطان عبد ربه على دعوته للحديث عن الرياضة في مكة زمان.. ولكافة الحضور الذين اثرو المحاضرة بحضورهم ومداخلاتهم بعد ذلك تناول الجميع وجبة العشاء المعدة بهذه المناسبة