مقالات
في رثاء صديقي الراحل عبدالعزيز ناصر ( رحمه الله ) : (فـنم يا صديقي في ذمة الرحمن قريراً شهماً نـبـيـلاً)
بقلم / د .علي بن حسن
الناقور
لم أستطع أن أتخيل يوماً غِياب ورحيل أخي وصديقي ، وصاحبي ورفيقي المهندس عبدالعزيز بن عمر ناصر رحمه الله .. والذي تربطني به أسمى عُرى العلاقات الوطيدة والمآثـر الخالدة الجميلة ، والصِلة والأواصر المتينة ، لقد افتقدناك اليوم أيها الصديق الحبيب … فلم يكن يوم الجمعةِ العشرين ، من شهرِ شوال للعام الـفٍ وأربعـمائةِ وواحدٍ وأربعين ، يوما” عاديا” سيما وأننا تعودنا أن نلتقيك اسبوعياً في كلِ جمعةٍ من عشرات السنـِين ، لنرى البسمةَ على محيّاك الرصين ، فيا لأجـرِ ِالصابرين ، في مثلِ هذا اليوم الحزين .
وتشاء قدرة الله وحكمته أن يرحل عنا جوادٌ حكيم ، في يومٍ الجمعة المباركة ، بعد أجتماع كل أحبائـه وأبنائه وبناته منذُ أسابيع َوشهور ، بسبب الظروف التي يمرُ بها العالم هذه الأيام ، ، وتسابقوا ليسعدوا بقربه ورضاه ، ويأنسوا بعطفه وينهلوا من حِكمته ولطفه والتحدث معهم ، ليودّعهم في طمأنينةِ وحبٍ يليقُ برجلٍ كريمْ الأطباع ، ليغمض جفنُه ، قريرَ العين سعيدَ البال راضٍ بقضاء مغيّر الأحوال ، ومشيئةِ مقدّر الآجال ، في حُسن خاتمةٍ وخيرِ مآل .
وقد لا أكون منصفاً إذا امتدحته وأثنيت عليه ، لخوفي أن لا اُوفيهُ حقه ، فقد أجتهد في كسب رضاءِ أمهِ وأبيه ، وزوجهِ وأخوانه وأخواته وبنيه ، وناضل من أدنى البدايات ، حتى وصل لأعلى النهايات ، فساهم في أعمال البر والخيرات ، وأوقف المزارعَ والمبرّات ، وجعلها صدقاتَ جاريات ، وأسس لها كياناً عريق ، وكان رائدًا في عمل الدراسات وتأسيس الشركات وقرءاة الأحداث والمستجدات ، وأصبحت أحلامه تتعدى البلدان والقارات ، وكأنه سابقٌ لأوانِ عصره في عِلمهِ وفِكره ، وبُعد نظرِه ، لم تمنعه الشدائد ، واجتاز المسافات والحدود ، فعمل في الصحاري والأوديةِ والجبال والبحار ، ونـقـل الكهرباء والتيار ، للمدن والقرى والقِـفار ، وبرع في المقاولات ، والصناعة وعالم العقارات ، في مسيرة تحَمّل فيها الشدائد والصعاب ، من دونِ كللٍ أو مللٍ ، وكان يتفقد الأصدقاء والأصحاب ، و يـبر الأهل والأرحام والأحباب ، ولا يرضى بمضرة الناس لأي سببِ من الأسباب.
علَمَ أبنائه حفظ القرآن الكريم
ثم تابعهم بالنصح والتوجيه القويم ، وحثهم على تتبع سيرة سيد المرسلين ، وأبتعثهم لإكمال تعليمهم وحصّنهم بالعلم والدين ، وكان دائماً يستشهد بقصص الصالحين والراشدين والعلماء والنابغين ، ويحفظ ما تعلم من والده من مواقف وحكاياتِ ، وأمثالِ ودروس و عِظات .
غرست فيه المدينة المنورة طيبتها وعِبقها وكراماتها ، فتباهى وتغنى بأرضها وسمائها ،
وداوم على مساعدة المساكين والأرامل والأيتام والعفيفين ، ولم يثـنـِهِ عن ذلك ظرف أو مرض في زمانٍ أو حين .
أقام الحفلات للمتفوقين وكرّم المبدعين وشجع غيره ليكون من المتميزين وكان يحرص على حل مشكلات المتعثرين والشركاء المتخاصمين ، شارك في لجان الدولة مع رجال الأعمال ، ولم تغيـّره المناصب والتجارة والأموال ، وكان يحرص على مكارم الأخلاق ويُحسن الظن ويكره أصحاب التملق والنفاق ، ويجبـُر الخواطر للجميع على الإطلاق .
فهنيئاً لك ، وفي الحياةِ رفيقاً ودليلاً ، و في المجدِ للآل شريفاً و سليلاً ، فـنم يا صديقي في ذمة الرحمن قريراً شهماً نـبـيـلاً .
غفر الله لك ووسع مدخلك وأكرم وفادتك ، وجعلك من أوليائه الصالحين الذين يدخلون ويرتقون الجنات مع الشهداء والصديقين بغير حساب ، ممن لهم حُسن رفيقٍ ومآب ، وهنيئا لك بالدفنِ في أطهرِ بقيعٍ وتراب ، وألهم أسرتك وذويك الاخوان الأكارم من آل ناصر وآل الشريف وآل الطيار وآل القين ، والبنات والأبناء الأعزاء.الصبر والإحتساب ، وأذكرهم بإقتفاء مسيرتك وإحياء نهجك في البذلِ والعطاء ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله