مقالات
ساعة لروحك وساعة لبدنك
بقلم /محمد عبدالرحمن آل دغيم – جدة:-
قضيت في جدة ما يقارب 50 ساعة منذ السبت الماضي وحتى الإثنين مساءً ، ولأنني دقيق الملاحظة فقد رصدت حاستي السادسة الكثير من الأشياء الجميلة التي سعدت بها وأعجبتني
- في المسجد القريب من السكن يكتض بالمصلين وخاصة في صلاة الفجر التي يتأخر عنها البعض طلباً للراحة بينما الراحة الحقيقية بين يدي الله
ذلك الشعور الرائع الذي غاب عن الكثير منَّا وحضر شعراً في ذائقة نابغة الشعر النبطي سعد بن جدلان وهو يعيش وينقل لنا شعور المصلي
مهـما تجرّب من شعور الملذات
مافيه أجمل من شعور المصلّي
ووجدت أكثر من يعيش حياة الترف الروحاني هم العمال
التي يظهر عليهم التوجه بخشوع لخالقهم مع الالتزام بالاحترازات المطلوبة ، وتنتهي الصلاة وكثيرهم ملتزم مكانه يبتهل ويسبح في استغراق حتى الثمالة في تلك الروحانية المترفة
خرجت بعدها وقد استهواني الجو فتتابعت خطاي نحو الممشى القريب عبر شارع صقر قريش والذي تعانق أشجاره العتيقة جنبات الشارع في كل اتجاه بما يوحي لك بارتباط التاريخ ممثلاً بشخص عبدالرحمن الداخل ( صقر قريش ) وذلك الشارع الفاره بأشجاره التي تحاكي الأندلس تاريخاً وحضارة وجمالاً ، ومما استوقفني صورة من صور اللطف البشري تتمثل في إناء فيه ماء وضعه أحد العمال لترتوي منه الطيور والقطط والحشرات محتسباً أجر كل كبد رطبة عند الله سبحانه وتعالى ويتعهده كلما نقص - وما أن وصلت للمشى حتى تجسدت أمام عيني رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ممثلة في جودة الحياة التي أصبحت واقعاً معاشاً لكل فئات المجتمع ، وزاد من دهشتي كثرة الناس بعد صلاة الفجر المتجهين للياقة ، والذي زاد من عجبي أنهم من تلك الفئة الذين اصطفاهم الله سبحانه وتعالى لأداء صلاة الفجر فمنهم من تتابعت خرزات المسبحة بين أنامله مسبحاً ومهللاً مستغفراً ومنهم من يحمل سجادته على كتفه ، وجميعهم بين ماشٍ في مشيةٍ حثيثة وبين منسجمٍ مع أجهزة اللياقة التي خُصص لها أماكن متعددة على طول الممشى … صورة من حضارة مجتمع بدأت تترسخ في ثقافته وجدوله الزمني
كانت ساعات قليلة في عمر الزمن ولكنها منحتني الشعور بحياة رائعة يعيشها البسطاء واختفت من وجدان المترفين ، والعجيب أن أولئك المترفين قد فهموا جودة الحياة بصورة خاسرة خاطئة ، ففيما غالبيتهم أنفقوا المال في أماكن اللهو والأكل والتخمة وإذا البسطاء يعيشون جودة الحياة بكل معاييرها الصحية والنفسية والاجتماعية بين مسجد شحنوا أرواحهم بطاقة ايجابية تتحطم على صخرتها كل هموم الحياة وبين أماكن اللياقة والرياضة والمشي الحر ليزيدوا من تعبئة أجسادهم بالصحة والعافية ومحاربة الأمراض والشيخوخة والقلق .
إلى أن ألقاكم في ميدان آخر من ميادين السعادة الذاتية أدعوكم إلى أن تمنحوا أنفسكم حياة المترفين البسطاء