إبراهيم البلوشي ـ جدة
أجمع عدد من الخبراء والاقتصاديون على أن كلمة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لوسائل الإعلام في الأيام الماضية، قبيل انطلاق قمة العشرين، زادت مساحة الأمل لدى الشعب السعودي، وأشعرت المواطن بالفخر والعزة، بعد أن كشفت الأرقام والاحصاءات التي أعلنها عن قفزة كبيرة على جميع الأصعدة، ونجاح متواصل لرؤية الوطن 2030، وتفاؤل لافت بتحقيق جميع الأهداف المرصودة قبل موعدها.
واعتبروا ما حققته المملكة من طفرة كبيرة على مختلف القطاعات والأصعدة منذ 2017م، أكبر رد على المشككين في الرؤية، مشددين على أن الانجازات التي تحققت في 4 سنوات كانت تحتاج إلى عقود طويلة، حيث أصبحت المملكة بفضل إدارة الأزمة واحترافيته بين أفضل 10 دول في مجموعة العشرين في مواجهة جائحة كورونا، وحققت معدلات نمو عالمية.
هزيمة الفساد والتطرف
ويرى الدكتور صالح بكر الطيار رئيس مركز الدرسات العربي الاوربي في باريس أن البشرى الكبيرة التي زفها سمو ولي العهد في كلمته الاستثناية هي نجاح المملكة في هزيمة الفساد والتطرف، وقال: “لقد أشار سموه إلى أن الفساد كان خلال العقود الماضية في المملكة مثل السرطان، ينتشر في كل مكان ويقضي على نسبة تتراوح بين 5% إلى 15% من ميزانية الدولة، ما يعني أداءً أسوأ على مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف وما إلى ذلك بشكل تراكمي على مدار ثلاثين سنة، مشيرا أن ولي العهد تعهد بمواجهة الآفة، وأعتبرها العدو الأول للتنمية والازدهار وسبب ضياع العديد من الفرص الكبيرة على المملكة، وهو ما اعتبره سموه من الماضي الآن، ولن يتكرر على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسوّل له نفسه، كبيراً أو صغيراً.
ولفت إلى الرقم الضخم الذي أعلن عنه ولي العهد بشأن حصيلة حملة مكافحة الفساد، والتي بلغت 247 مليار ريال في الثلاث السنوات الماضية، وهي تمثل 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية، بالإضافة إلى أصول أخرى بعشرات المليارات نُقلت لوزارة المالية، وستسجل في الإيرادات عندما تُسيّل بما فيها من عقارات وأسهم، مشيرا أن ذلك يعد رد ملجماً وشفافاً لكل من كانوا يتسائلون عن المكان الذي ذهبت له حصيلة تسويات الفساد.
وأشار إلى أن أعلان “عراب رؤية المملكة” بالقضاء على التطرف، يمثل نقطة ارتكاز مهمة ستدعم القطاع الاقتصادي، حيث أشار سموه إلى إن المملكة استطاعت القضاء “خلال سنة واحدة” على مشروع التطرف الأيديولوجي، الذي صُنع على مدى 40 عامًا، حيث وعد سموه بذلك عام 2017، وانطلقت بالفعل حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر وخلال سنة واحدة انتصرت الممكلة على مشروع أيديولوجي كان بمثابة عائق كبير أمام التنمية والتطور.
انتعاشة اقتصادية
ونوه الاقتصادي الدكتور محمد ابو الجدائل بأن كلمة سمو ولي العهد عززت من مساحة الأمل لدى المواطن السعودي، وأشعرته بالعزة والفخر رغم التحديات الصعبة التي يمر بها العالم الآن، حيث أكد سموه على أن السعودية واحدة من أفضل 10 دول في التعامل مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا، وأنه مع نهاية 2020 “سنكون من أقل دول مجموعة العشرين المتأثرة” بالوباء، مثلما أعرب عن تفاؤله بأن تكون المملكة أحد أسرع دول المجموعة نموًا في الناتج المحلي غير النفطي في قادم السنوات، بعدما أصبحت الدولة الأولى في سرعات الجيل الخامس.
وأكد أن الانجازات العديدة التي ذكرها سمو ولي العهد في كلمته لمسها المواطن السعودي على أرض الواقع، فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17% إلى 31%، ووضعت رؤية 2030 الوصول إلى نسبة بطالة 7% في العام 2030م كإحدى أهدافها، خلال عام 2018م، بلغت نسبة البطالة 13% تقريباً. وبسبب رفع كفاءة الأجهزة الحكومية واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة والبرامج والمبادرات الحكومية الأخرى، انخفضت لتصل إلى 11.8% في بداية عام 2020م، وتوقع سموه أن تكون أقل في نهاية العام الجاري، رغم أن جائحة كورونا تسببت في رفع البطالة في دول مجموعة العشرين بنسبة وصلت 20% وأكثر.
وشدد على أن التفائل الذي ظهر في كلمة “عراب الرؤية” سترفع معدلات الانجاز، وتؤدي إلى انتعاشة اقتصادية حقيقية في السوق السعودي، وستساهم في رفع الاستثمارات الاجنبية في المملكة، في ظل الأرقام الصريحة التي أكدت أن المملكة سوقاً جاذباً وواعداً، وتحقق معدلات نمو هي الأسرع في مجموعة العشرين، لافتاً إلى ما قاله سموه من أن المملكة تستهدف في نهاية العام الجاري استمار 96 مليار ريال، بمجموع 311 مليار ريال خلال السنوات الأربع الماضية، مما يسهم في خلق أكثر من 190 ألف وظيفة.
خارطة طريق
واعتبر الدكتور حسين محمد العطاس “مستشار مالي وحوكمة” كلمة سمو ولي العهد بمثابة خارطة طريق للتنمية المستدامة والإنجازات التي تحققت في 4 سنوات بشكل غير مسبوق، للوصول لرؤية 2030 وللرد على المشككين في الرؤية، والتأكيد على أن التغيير الحاصل في النواحي المالية أو الاقتصادية أو الاجتماعية والثقافية راجعة لبرامج الرؤية، وتفاعل الشعب السعودي معها.
وقال العطاس: “كان تصريح ولي العهد شامل جامع، واضح المعالم، مقرون بالأرقام و الانجازات التي تحققت في الماضي، والتي ستتحقق في المستقبل”، وأوضح أن السعودية الجديدة برؤيتها الثاقية، تجنبت تأثيرات جائحة كورونا بشكل كبير، من خلال حسن إدارة الأزمة بشكل احترافي، وأكد على نبذ التطرف والارهاب بكل صوره واشكاله، وشدد على محاربة الفساد بكل صوره، ومحاسبة كل من يخالف سواء كان كبير أو صغير، وأشار إلى نجاح الاصلاحات المالية والاقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة، وضرورة أن يكون نابع من خلال مؤشرات القطاع الغير النفظي وعبر دعم هذا القطاع، و اعادة هيكلة ميزانية الدولة.
وأشار إلى أهمية كلمات سمو ولي العهد عن صندوق الاستثمارت العامة وكيف أمكن تحسين عوائده بشكل غير مسبوق، من خلال إعادة هيكلة الصندوق وتحسين أداءه وحوكمته، و تم التاكيد في تصريحه على أهمية تمكين المراة من خلال مضاعفة عدد السعوديات في سوق العمل، وتأكيد سموه على أن المرحلة القادمة ستشهد التركيز على تحسين دخل المواطن وتسارع وتيرة النمو و الانجاز عند زوال الجائحة، وفي النهاية بات واضحاً أنه رغم التحديات الكبيرة، فقد باتت رؤية 2030 مشروع وطني وحلم كبير لولي العهد و الشعب السعودي معه، وباذن الله سنتمكن من تحقيق الرؤية في 2030 في نفس الوقت الذي سيكون مضى فيه 100 عام على توحيد المملكة.