اخبار العالمية
الخنجر العماني .. رمز للأصالة والهوية الوطنية
إبراهيم البلوشي ـ سلطنةعمان متابعات
تنتقل عبر الأجيال، وتعد موروثا ورمزا للانتماء والاعتزاز والأصالة والهوية، ولا يكتمل الزي التقليدي إلا بها، ذلك ما تمثله الخناجر لدى الشعب العماني.
حكايات وقصص للخناجر المقوّسة المشدودة إلى وسط الرجال بحزام من نوع خاص مزخرف بالفضة في سلطنة عُمان، وتلبس في المناسبات الرسمية والاجتماعية.
كل هذا جعلها تمثل مع سيفين متقاطعين شعار الدولة في سلطنة عمان، ويظهر في علم الدولة وعلى المؤسسات الحكومية والعملات النقدية وعلى الوثائق الرسمية.
تراث عبر القرون
الخنجر العماني ورد ذكره في كتابات الرحالة الأوروبيين، ما يؤكد أنه جرى اتخاذه كهوية وطنية للباس العماني في مختلف المناسبات منذ مئات السنين.
-“كان جلالته يرتدي حزاما حول وسطه وضع فيه خنجرا مغطى بخيوط حريرية بشكل تقاطعي”.
روبرت بادبروغ، ممثل شركة الهند الشرقية، واصفا لقائه مع الإمام سلطان بن سيف اليعربي عام 1672 م.
- “رجال بأنهم يلبسون الخنجر”..
الألماني إنجلبيرت كامبفير، خلال زيارته إلى مسقط عام 1688م. - “الرجال كان يلبسون خنجرا أو سيفا عريضا قصيرا ملصقا بأحزمتهم بشكل عمودي”..
القبطان البريطاني ألكساندر هاميلتون الذي مر بمسقط عام 1715م. - يلبسون خناجر يبلغ طولها عادة عشرة إنشات، وكان النصل مزخرفا بالذهب لدى من يستطيع تحمل تكلفته”..
ويلستد واصفا الرجال العمانيين عام 1835. - “كان يلبس خنجرا ذهبيا فخما في حزام مرصع بالأحجار الكريمة”.
بالجريف واصفا السطان ثويني عندما رآه في قصره في مسقط عام 1863.
وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي رسم ماكس بارون فون أوبينهيم الذي زار مسقط عام 1893م خنجرين عمانيين، يحتويان على مقبض على شكل حرف T ، وبه الحلقات التقليدية لربط الخنجر بحزام من النسيج وتتخذ هذه الحلقات أشكالا هندسية.
صناعة الخناجر
صناعة الخناجر في عمان واحدة من أبرز الصناعات التقليدية التي يتناقلها الناس أبا عن جد، ويشترك في صناعتها الرجال والنساء، وتمثل فن عظيم يجسد رقة الحرفي العماني وخبرته ومهارته منذ قرون طويلة.
ويبقى الجهل بأهمية الخنجر العماني يحيط بالغريب حتى يزور سوق مطرح، في قلب العاصمة مسقط، حيث تزخر محال بيع الصناعات اليدوية بخناجر من مختلف الأشكال والأنواع.
ويُصمم كل خنجر يدوياً بشكل معقد يلبي مواصفات العميل، إذ يتكون الخنجر من عدة أجزاء رئيسية هي: النصل والقطاعة “الغمد” والقرن “المقبض” والحزام.
النصل: ويصنع غالبا من الحديد، وقد كانت نصول الخناجر العمانية تستورد وتصنع محليًا
الغمد: يصنع من قطعة خشبية مغطاة بجلد الماعز أو البقر أو بصفائح فضية. وتزين الأغماد المغطاة بالجلد عادة بخيوط فضية أو ذهبية تطرز بأشكال هندسية وبزخرفة فضية أو مطلية بالذهب تغطي طرف العمد، فيما تزين الأغماد المغطاة بصفائح فضية نقوش وخروم وحبيبات.
القرن: ويعد القرن (مقبض النصل) المصنوع من قرون الحيوانات كقرن وحيد القرن أو الغزال الأثمن على الإطلاق، أو يصنع من الفضة أو الخشب أو العاج، إلا أنه بعد صدور قانون حماية الحيوانات المهددة بالإنقراض استبدلت بمواد أخرى.
ويزخرف القرن بالفضة أو بالذهب و تكون الزخارف مرصعة أو مكبوسة أو مكونة من خيوط أو صفائح فضية أو حبيبات فضية أو تغطي الزخارف القرن بأكمله أو جزءا منه.
أما الحزام فيكون من الجلد أو منسوجاً و يحتوي طرفه الأيسر علي أبزيم فضي -عروة معدنية تحتوي علي لسان- ويحتوي طرفه الأيمن علي قطعة جلدية طولية بها مجموعة من الثقوب أو سلسلة فضية صغيرة.
أشكال وأنواع الخناجر
وتتعدد أشكال الخناجر وأسماؤها؛ حيث إن لكل نوع مميزاته المنفردة وخطوطه الخاصة به، التي تظهر أكثرها في المقبض، أو القرن، ويمتاز بعضها عن بعض بالحجم والشكل والزخارف والنقوش والوزن وأبرزها:
- الخنجر السعيدي
يلبسه أفراد الأسرة الحاكمة، وقد يلبسه عامة الناس، ويتميز بمقبضه الفضي على شكل عجرة وبوجود قطعة مثلثة تربط الغمد بالحزام. - الخنجر الصوري
يصنع في مدينة صور، ويتميز بصغر حجمه وخفة وزنه، وعادة ما يطلى مقبضه بالذهب، أما الغمد فمن الجلد، ويزين بأسلاك وخيوط فضية مطرزة بالذهب، وينتهي الغمد بقمع فضي تنقش عليه أشكال فنية. - الخنجر البدوي
مقبضه مصنوع من الخشب والغمد أيضا من الخشب الذي يغطي بغطاء جلدي مطرز بالفضة. - الخنجر النزواني
يصنع في مدينة نزوى، غمده من الخشب المغطى بلوح فضي، أما المقبض فعادة من العاج ويغطي بالفضة وهو مشابه لمقبض الخنجر السعيدي.
الطريق إلى اليونسكو
جهود كبيرة تبذلها سلطنة عمان في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي للسلطنة من خلال العمل على توثيقه وصونه على الصعيد الوطني والدولي.
ومؤخرا أعدت الوزارة ملفات ترشيح لتوثيق العديد من العناصر الثقافية بمنظمة اليونسكو، من بينها ملف الخنجر العماني، لكونه عنصرا من عناصر الهوية والأصالة العمانية.
واشتمل الملف على العديد من الجوانب المتعلقة بالنطاقات الجغرافية لصناعته واستخداماته اليومية في اللباس، بالإضافة إلى اعتباره شعارا وطنيا للسلطنة.
وتضمن الملف كذلك كيفية انتقال العنصر عبر الأجيال من خلال نقل المهارات والمعارف والالتزامات المترتبة بالتنمية المستدامة في خطط الصون التي تحرص اليونسكو على الأخذ بها.