بقلم / محمود قريشي
معالج تقويم العمود الفقري كايروبراكتيك
وازالة الحساسية والصدمات النفسية المؤلمة
أمي .. جنة كانت تمشي على الأرض ..
نعم إنها جنة تمشي على الأرض .. كان حملها ثقيل وعبؤها شديد لكنها كانت صبورة محتسبة ..
توفي أبي وانا في عامي الأول بجانب اخوة واخوات في اعمار الزهور وهي الغريبة والوحيدة في مجتمع بسيط مختلط الاعراق في مكة ..
أمية التعليم لكن الله أنار بصرها وبصيرتها فكانت معلمة ومعينة للخير فلا أنسى أنها من قامت بتحفيظي للفاتحة وقصار السور وأنا لم أبلغ الرابعة على التمام ..
آثرت على نفسها تربيتنا وعملت بيديها بأن تحمل على رأسها ( البقشة ) وهي مجموعة من الملابس تصرها على راسها وتبيعها للجيران تخرج كل يوم وتمسك بيدي من بيت جارة لاخرى لتبيع ما تيسر ونعود في الظهيرة لتصنع الغداء لنا ثم من بعد العصر تبدأ في غزل الصوف والخيوط الحرير لتصنع غطاء وحجاب للنساء ومصوغات لاطفالهن ..
كانت تعولونا ايتاما بصنعة يديها وتجارتها البسيطة جدا .. صدق وأمانة وتوكل على الله .. كانت تنام متأخرة حتى تطمئن علينا جميعا .. وتفيق من قبل الفجر حتى تقوم لتصنع لنا الخبز والطعام وتجهزنا للمدارس ..
أي أم كأمي ؟؟؟؟؟
نشأنا رغم كل الظروف القاسية التي مرت بها في أفضل حال فالله سبحانه اختارها لنا جنة على الأرض لتحسن تربيتنا على وجه مشرف ولله الحمد والفضل والمنة ..
أمي اسمها ( أمينة ) وقد والله كان لها أكبر النصيب من اسمها الغالي فهي الأمينة التي أدت الأمانة على أكمل وجه ونصحتنا أفضل النصح ..
مازلت أتذكر رغم أني اصبحت أبا وأبنائي كبروا مازالت تنصحني وتعلمني ( كانت خير ناصحة وخير معلمة )..
إن الكلمات لا توفيها حقها والشكر أمام عطائها قليل ..
فهي اعطتنا زهرة شبابها وكل عمرها ..
واذكر هنا بعض كلمات رائعة لاحد الشعراء ..
كتبتُ إليكِ يا أمي. نشيداً في المَدى انسَرَبا
أُعبّرُ فيه يا أمي عن الدمع الذي انسَكبا
عن القلبِ الذي اضّطربا عن الفكر الذي شرَدا
عن الشوق الذي اتَّقدا. ولم أُشعِرْ به أحَدا !
عن الأحزانِ في الصدر ِ. عن الأفراح في القبر ِ
فمنذ رحلتِ يا أمي. وحزني ، آهِ مِن حزني !
يُطاردُني يحاصرُني
فتَفضَحُ عبرةُ العين ِ. بصمتٍ بعضَ أشواقي
فأسجدُ في مَدى الصبر ِ
وتسري نغمةُ الشكر ِ. بأعماقي وأوراقي
..
على الشباّكِ يا أمي. وقفتُ بظلِّ ذِكراكِ
هنا كنا بأكنافِ الهَنا نَسمَرْ. بظلّ الليلِ إذ أقمَرْ
هنا الأوراقُ والقلمُ. هنا التلفازُ والحرَمُ
هنا المصحَفْ. هنا الإيمانُ قد رفرَفْ
..
ولا تدرينَ يا أمي ولا أدري متى ألقى مُحياّكِ ؟
دعوتُ اللهَ يا أمي. ليجمعَنا بميعادِ
هناكَ بصحبة الهادي
هناكَ سيَنجلي همّي. ويَسعَدُ قلبيَ الباكي
وحتى ذاكَ يا أمي. يميناً لستُ أنساكِ .
رحمها الله ورحم ابي ..
رب احمهما كما ربياني صغيرا واجزيهما خير ما جازيت والدين عن اولادهما واكتب كتابهما في الفردوس الاعلى جوار الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ..
اللهم اغفر وارحم وانت خير الراحمين .